الأربعاء، 10 يناير 2018

في حثالة البشر

ليست المشكلة بالنسبة لي أن تقف مستهزئا بالآخرين وضاحكا منهم وساخرا بهم
وليست المشكلة هي أن تنظر لغيرك بدونية فاحشة
وليست المشكلة لي أن تراقب غيرك باستحقار فاجر
الأمر يطغى على ذلك أكثر بكثير

المشكلة بالنسبة لي أنه لم يخلق من أعطاك الحق لتصف غيرك بالحثالة
المشكلة أنه لست أنت من يحكم على البشر ما إن كانوا وعذرا دعنا نستعر كلماتك بعاميتها " تافهون "
فعلى امتداد كروية هذا الكوب ليس هنالك من مخلوق يسمو على الآخر، وليس هنالك من حق يخولك أن تترفع على غيرك حتى لو كنت الملياردير الأول والعبقري الأول
كل منا يكره غيره، أنا أكره العديدين ممن حولي، أولئك الذين لا يوافقونني الرأي، وأولئك الذين أراهم فارغين من المعنى والمضمون، إلا أنه وبحق الجحيم من قد يعطيني الحق لأقف مصرحا على العلن أنهم مجموعة من الجاهلين الذين يشكل وجودهم خطرا على الذرية البشرية؟!
أجل إني أمقتهم، وأجل إني أستحقرهم، ولكن هل لي الحق بأن أقف لألعنهم ليس لأني أكرههم بل لأنهم ينهجون نهجا لا يواتيني
نهجا أراه بنظري مجرد خزعبلات وتوافه وفوارغ لا فائدة منها ولا هدف لها
هل تريد أن تقف لتصف الناس بالتفه والسذج والحقارة والتخلف والرجعية والجذب لأنك ترى أنك أفضل منهم!، لأنك ترى أنك أذكى منهم؟، لأنك ترى أنك أكثر ثقافة منهم؟، لأنك ترى أنك تسمو فوقهم!
فحتى لو كنت ذلك العبقري سيكون هناك في نهاية المطاف من يقف فوقك، وسينظر إليك تلك النظرة التي ترمق الآخرين بها ذاتها دون أن ترمش عينيه
أجل، ففي نهاية المطاف ليس أنت من يحكم على الناس، لست أنت من تقيم الناس، لست أنت من تقرر من يظل ومن يرحل، لست أنت من بيده صولجان الحكم وعصا البصيرة، لست أنت أفضل من غيرك بل إنت أدنى من أدنى واحد منهم حسب معاييرك
يثير سخطي وغضبي الاستماع لتلك التهجمات من أشخاص يظنون نفسهم الآلهة السائرة على هذه الأرض
يظنون نفسهم أولئك المرسلين برسالة الخلود والمبشرين بعظمة البشرية القادمة
جاهلين أن زمن الرسل ولى وأدبر، متجاهلين أنهم ليسوا سوى غيرهم، وأن غيرهم ليسى سوى هم، وأنهم جميعا في نهاية المطاف ليسوا سوى نملات صغيرة تسير على هذه الأتربة متجهة نحو حتقها الأخير
إن كنت ترى نفسك أفضل من الآخرين فكيف هذا وأنت لم تفعل أكثر مما فعلوا
إن كنت ترى ذاتك فوق البشر فكيف ذلك وأنت لم تغادر عشك حتى اللحظة
إن كنت ترى نفسك المبجل القادم فكيف ذلك وأنت ما زلت محشورا داخل تفكيرك الضيق هذا ابتداءً
ليس يهم كم أنت عبقري مع أنك لست قريبا حتى من معنى الكلمة
ليس مهما كم أنت ناجح مع أنك تسير في ذات الطريق الذي يسلكه غيرك
ليس مهما كم أنت قوي مع أن قوتك كلها هو صراخ وجعجعة
ليس مهما كم أنت متحرر مع أن كل حريتك هي التعدي على حريات الآخرين
ليس مهما شيئا من كل ذلك لأنك في نهاية المطاف لست أفضل منهم، لست أنجح من غيرك ممكن تكرههم، لست أقوى من غيرك ممن تمقتهم، لست أذكى من غيرك ممن تحتقرهم، وبالتأكيد لست أقل تفاهة من غيرك ممن تستهزء بهم


فأعد دوران الساعة، تهانينا أنت هو الحثالة الآن........

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق