الخميس، 21 سبتمبر 2017

فلتذهبوا برحلة تذكرة دون عودة إلى الجحيم الأبدي




يطرح سؤال مهم نفسه دون منازعة أو مقاومة في كثير إن لم نقل كافة الأحيان، لماذا لا نتقبل ما يقوله الغير خصوصا إن كان ما يقوله هو الحقيقة التي نعلمها نحن جيدا بل ونقر بها أغلب الأحيان؟، أنا لا أتحدث عن نصائح بشأن الملبس أو المأكل أو المشرب أو نوع عطرك أو لون أحمر شفاهك أو ماركة حذائك، كل هذه أمور تقليدية خاصة يكره كل منا أن يتدخل الآخر بها دون شك، ولكن المقصود بذلك السؤال هو الصفات والتصرفات الشخصية.
فرغم أنني أدرك تماما كامرأة أنني ذات شخصية قوية ومتجبرة ومن الصعب بل الخطر أن يقف أحد أمامي على سبيل المثال ويعترض على ما أقوله لأنه يدرك أنه سيناله من لساني ما هو أسوء من ضربات السياط، أقف منزعة متضايقة بل مستنكرة وساخطة عندما أسمع أحد يقول هذه الكلمات لي، أقالها في وجهي مباشرة وهو نادر أم قالها خلف ظهري وهو شائع، ما الفرق في كلتا الحالتين إن كان ما قاله صحيحا، وعلى الرغم من أنني كرجل أدرك أنني جسر متنقل لا يبقي على حديث سمعه إلا ونقله من ضفة إلى أخرى أكانت تلك هي الضفة الصحيحة أم الخاطئة أثور لاعنا ومنفجرا كبركان ثائر عندما يرمي أحدهم بهذه الكلمة في وجهي أو لغيري؟.
ألا يبدو من الغباء الفاحش أن المرء يريد أن ينكر حقيقته، إن كنت تكره شخصيتك إلى هذا الحد فبحق الجحيم تخلى عنها واستبدلها بغيرها، ولكن لا تلقي بالملامة على غيرك لأنه يقولون لك ما يرونه منك، فكما تريد أن تتعامل بتلك الشخصية لغيرك الحق في اتقادك، أعجبك هذا أم لم يعجبك فهكذا تسير الأمور هنا، إذ للأسف ما زال مجتمعنا قاصر عن استيعاب فكرة أن يترك كل واحد الآخر لشأنه دون أن يدس أنفه فيما لا يعنيه ولا يخصه، بل نحن ما نزال مجموعة من الجهلة الذين لا هدف لنا سوى التدخل بالآخرين والتحدث عنهم ونقضهم، وما بين هذه المتضاربات كافة في مجتمع غير متزن لا يعرف شيئا سوى الثرثرة الفارغة والنميمة القاتلة والبغض المتنامي والجهل الفاحش لن تجد أمامك أي حل، وتجد نفسك في نهاية المطاف مضطرا لأن تلعن ما حولك دون استثناء لأحد.