الخميس، 18 أغسطس 2016

لمن يهمه الأمر 14

كنت أعلم أنه يوم سيء
منذ أن اتخذت قراري بأخذ الاجازة تأكدت بأه سيكون يوما كارثيا
منذ اللحظة التي سمعت فيها بذلك الحدث المقزز علمت بأنني سأندم على اللحظة التي صممت فيها على قراري
في المرة القادمة كل ما سأفعله هو النهوض والذهاب إلى الجحيم, لا يهم, ولكن البقاء هنا هو أمر لن يحدث مرة ثانية
فما الممتع في الأمر؟
ثقوا بي, لا شيء
لا شيء مثير للمتعة في هذا المكان المزعج
لا شيء مثيرر للراحة في هذه الجدران السخيفة
لا شيء مثير للمتعة في هذا الجو الخانق
ولكن لسوء الحظ فما أعرفه إلى جوار هذا جيدا أنني لا أتعلم مطلقا من أخطائي السابقة
إنني مجموعة من الاخطاء المكررة التي تتابع السير على الأرض ذاتها يوما بعد يوم ولحظة بعد لحظة دون أن تتعلم درسها ولو حتى مرة واحدة
ألم أتعلم منذ تلك السنوات جميعها أنني لا أصلح لهذا؟
بالطبع أعرف هذه الحقيقة ولكن الحجر الذي أحمله فوق كتفي لا يربو على أن يعيد ويكرر لي هذه الوقائع مرة ومرة أغرقها فيها مرة تلو مرة
في المرة القادمة..... دعونا منها أعلم جيدا أنني لن ألتزم بقراري هذا مطلقا
وأعلم ان الشيء الوحيد اذي أريده التو هو أن زيارة أبدية للعالم الآخر
صحيح أنني لست من النوع المتشائم عادة, ولكن كم مضى من الوقت؟ إنني أكاد أتم شهرين وأنا غارقة في لجة لا نهاية لها
غارقة حتى إخمص قدمي وآخر شعرة من رأسي
غارقة في هاوية العجز
الكره
اليأس
الملل
الفراغ
البرود
السأم
وكل ما يمكن أن يخطر ببال على مر البشر

يوما بعد يوم أحاول رفع معنوياتي المحطمة, ولكن بلا جدوى, إنها ليست فقط محطمة, إنها ممزقة ومكرسة ومن المستحيل جمع شتاتها
أحاول يوما بعد يوم أن أظهر لنفسي أن كل شيء يسير على ما يرام, وأنني سأعيش يوم الغد بابتسامة, فأضيع اليوم ولا احصل على الغد
وفي نهاية المطاف أغدو بلا أي شيء
أغدو فارغة أراقب من نافذتي مجموعة لا تنتهي من الكائنات المتحركة يمينا ويسارا
أغدو أكثر فراغا وأكثر إيمانا بألا شيء سيحدث
اننني مجرد صفر في آخر خانة من الرقم
بل إن الصفر قد يمتلك بعض الأهمية إلى جواري

فماذا أنا في نهاية المطاف؟ لا شيء
إنني نكرة لا ترجى من ورائها
خيال لا مكان له في العالم
مجرد اسم زائد على حافة التاريخ لا يقدم ولا يؤخر
بل إنه لا شيء

إنني فعلا لا شيء

فمن يحتاجني؟, لا أحد
من يرغب بي؟, لا أحد
من يذكرني؟, لا أحد
ممن يهتم بوجودي من عدمه؟, لا أحد
أهناك من يفكر بي؟ قطعا لا
أهناك من يحتاجني؟ لا ريب في عدمه

مجرد جسد يأكل ويشرب وينام
مجرد كائنة تتنفس الهواء وتنقص من حصة غيرها, أشخاص ربما يستحقون هذا الهواء أكثر منها

من أنا؟, إنني مجرد حمقاء تحاول أن تقنع نفسها أن لها وزنها في هذا العالم
أن لها كيانا في هذه البشرية
أن لها وجودا وأهمية في هذا الكون
ولكنها في النهاية تعلم تمام العلم أنها لا شيء يذكر

أنها ليست أككثر من عبء ينتظر يوم إزاحته من هذا العالم
أنها ليست أكثر من جريمة بحق البشرية بكيانها الفارغ عديم الأهمية وعديم النفع وعديم الجدوى
أنها لا شيء يستحق أن يذكر في هذا الفضاء

بل إنها إلى جوار هذا كله مجرد كاذبة, مجرد مدعية, مجرد مزورة,, مجرد صورة فارغة مشوهة
أرسم لنفسي لوحة خلابة مشرقة أعرضها على الآخرين بثقة مخفية حقيقة قبيحة
مخفية حقيقة أنني لا أستحق هذه اللوحة
حقيقة انني لا أساوي حتى الحبر الذي رسمت فيها
انني لا أرقى لقيمة الورق المستعمل الذي استخدم لرسمها

أتابع الكذب على نفسي وعلى من حولي
أتابع رسم خيال لي
أتابع إحياء وهمي الميت

ولكن في النهاية على ماذا أحصل؟
على لا شيء
على كلمات سامة تحملك المسؤولية للا شيء
على جمل وعبارات قاتلة تزيد من فراغي
على نظرات تذل آخر ما تبقى لي

على لا شيء
لأنني لا شيء
ولأنني لن أكون شيئا

ولكن ربما ما زال المجال في الجحيم موجودا
فهناك مكان ربما أستحقه هناك برفقة الشياطين
مكان ربما ......أو في الواقع لا
فحتى الجحيم لا يرحب بالنكرات


الأربعاء، 10 أغسطس 2016

لمن يهمه الأمر 13


لمن يهمه الأمر 

وماذا بعد؟

تغمض عينيك طلبا للنوم ولكنك تعلم جيدا أنك بتلك الإغماضة وحدها لا تحل شيئا، أنت لا تريد أن تنام بقدر ما تريد أن تهرب مما تحياه يوما بعد يوم، وتراه لحظة بعد لحظة، وتفكر به ساعة تلو ساعة

لم يكن النوم يوما درب الخلاص ولكنه غدا للتو طريقا معبدة بالورد ومفروشة بالريحان للفرار

لتفر من ماذا؟، سؤال يطرح ذاته بحضور مهيب
إنك تعرف مما أنت مدبر وهارب، وتعلم جيدا مما تهفو روحك لتلوذ منه بالفرار جريا دون أن تنظر ورائك ولا حتى بلمحة واحدة
ليست المشكلة في النوم، ها أنا أقولها مرة ثانية، فالنوم متعة ولذة وشهوة وغاية للبعض على الأقل
إلا أنه ليس طريقة للهرب
يمكنك أن تشتهي النوم وأن تحلم به وأن تهفهف روحك لملقاه ولكنك ستتوقف عند مفترق الطرق الأهم

انه ليس طريقك للهرب
ليس دربك للخلاص
ليس مسارك للجوء الى عالم وردي يمكنك أن ترى نفسك فيه ملك السماوات والأرض
فأنت في النهاية ملقى على ظهرك فوق سريرك عاجز عن التحرك حتى مرتعشا خوفا من الاستيقاظ
ورهبة من فتح عينيك
مذعورا أنك حين تفك قفل رموشك ستعود لتدرك من جديد أنك كما كنت بالأمس تماما
وأن لا شيء اختلف

النوم ليس مذنبا، أتعرف من هو المذنب؟
إنه أنت

فأنت من يستعمل حججا واهية ليهرب إلى عالم الأحلام متخاذلا عن تطبيقها على أرض الواقع
أنت من يرمي باللوم على العالم الجلف حوله مبرئا نفسه
أنت من لا يفعل شيئا عدا ندب حظه مؤنبا العالم ومقنعا عقله بأنه البريء المخذول والمظلوم المنتهك حقوقه والمبدع الذي لا يقدره أحد والناجح الذي يحاربه الجهل

ففي نهاية السبيل ترجع لتعيد الكرة من جديد

تندب حظك طوال النهار
تشكي وتحلم وتحقد وتصرخ

لكنك لا تتجاوز هذا الحد

وترجع في آخر اليوم مستلقيا على السرير ومحدقا في السقف فوقك طارحا السؤال ذاته مرة أخرى

ماذا بعد؟


يسرى حسونة
Y.A.H