الخميس، 23 نوفمبر 2017

سؤال مصيري

ما الذي تريدينه بالضبط؟
تطرح العديد من الأسئلة على حياة المرء، إلا أن بعض تلك الكلمات التي تختم ذاتها باعوجاج منقوط يمكن لها أن تغير حياة بأكملها، بل إن بعضها قادر على أن يقلب نهار من ضحكة لعبوس، ومن ارتياح لضغط ترزخ أسفله دون رحمة أو شفقة.

أجل ما الذي تريدينه؟ ما الذي تريده؟ ما الذي أريده؟.

عندما يأتي الوقت الذي يقفز فيه هذا السؤال من العدم ليجثم أمام العينين رافضا التزحزح، عندها يتوجب أن يعاد فتح الصفحات القديمة والمهترئة عن بكرة أبيها، فما الذي يبغيه المرء لأجل حياته القادمة؟، إنه يمسك بشهادته بين أنامله ولكن هذا وحده ليس كافيا، ما الذي يظهر بعد الشهادة، الخبرة العملية، ثم تأتي الدورات التدريبية، والبرامج المختلفة التي حرص على حضورها منذ تخرجه، ولكن ماذا بعد؟، هل كل هذا يكفي؟
لا
ستضطر عاجلا أم آجلا أن تقف أمام ذلك السؤال القاسي تاركا نفسك لتنجرف في ظلماته المدلهمة، فما الذي تريده بالضبط؟، هل تريد أن تجلس خلف مكتب مسور بالهواتف وملحق بالمساعدين؟؛ هل تريد أن تقف ملقيا الدروس والمحاضرات على الغير وعيون الجميع مثبتة عليك؟، أم تريد أن تجد وتتعمق في المجال العملي الخاص بمهنتك دون أن تبتعد عن تلك الضجة التي تحيط به؟، أين ترى نفسك؟
أنا لا أعلم ما رأي الآخرين ولكن اختيار الموت بالكرسي الكهربائي على حبل المشنقة يبدو خيار أكثر سهولة.

لقد وقفت أمامه للمرة الأولى، إنها تجربة مقيتة كريهة، أن تحدق بتلك الكلمات العائمة أمام بصرك في الفراغ عاجزا عن الرد عليها، إنها تحدق فيك، تسخر منك، تستهزئ بك، هل من الممكن أن تحدد مصيرك في بضع دقائق في الوقت الذي كنت فيه عاجزا عن فعل ذلك طوال أربع سنوات؟، يبدو السؤال مزعجا وهو يترنح بسكر أمامك، ترمقه بشزر هادفا إخراسه، فهل أربع سنوات فترة طويلة في المقام الأول، في حياتك العادية أجل، ولكن عند حياتك المهنية إنها لا شيء
لماذا؟
لأنك تقضيها محاولا اكتشاف ذاتك، محاولا تحديد طبيعتك، محاولا التعرف إليك

تبدو الكلمات لي غبية، ولكنها ليست كذلك، إنه تناقض صارخ
ولكن ما الحل إن كانت حياتي وربما انتم أيضا متناقضة لا اتزان فيها.

أقول لنفسي أني في ربيع العمر، وأن الحياة لم تبدأ بعد، أنا مقتنعة بذلك، ولكن هل من أحد قادر على إقناع عقلي بذلك؟.

أريد الكثير من الأشياء في مستقبلي المهني، ولا شيء منها هو سهل الدرب، إلا أن اختيار درب واحد يظل هو الأكثر صعوبة، فهو درب سيقود خطاك حتى آخر متر من رحلتك.

أكره أن أقف هناك مرة ثانية جاحظة بتلك الأحرف الهازئة، ولأجل ذلك فإن جهد أربع سنين تم اختصاره في أربع، هل كان الاختصار صحيحا؟،لا فكرة لدي، هل ستكون سبيله ممهدة؟، هنا انا واثقة أنها مفروشة بالصخر، ولكن الرغبة والشغف تغلبا على الراحة والملل في نهاية المطاف.

الثلاثاء، 14 نوفمبر 2017

في مهنة المحاماة


إن النظر إلى عالم المحامين عن قريب يترك العديد من الآثار والانطباعات التي لا يمكن تجاهل إحداها في مهنة ينطوي تحت لوائها العديد والعديد بشكل مستمر سنويا دون توقف، فهناك نطريات عديدة تحيط بمفهوم المحامي وعبائته السوداء داخل المجتمع الفلسطيني.

فتارة هو وظيفة تدر دخلا عظينا وتساعدة لتصبح ثريا، وتارة أخرى هو شهرة وبرستيج يظن المرء أن مناداته بأستاذ يرفعه مرحلة تلو المرحلة على سلم الشهرة والمجد، وما بين هذه وذاك اختفت تلك النظرة التي تقوم أن المحامي هو حامي العدل والمدافع عن المظلوم، إن تحدثت إلى أحدث طالب حقوق في جامعات فلسطين قاطبة فسيقول لك أن تلك كذبة قديمة عفا عليها الزمن.

أجل هناك محامون رائعون ويمثلون الكلمة بكل ما تحمله حروفها الأربعة من معانٍ، وأولئك هم الذين ما زالوا حتى اليوم يعطونني كمحامية دفعة إلى الأمام للتطلع إليهم والتمسك بقيمهم وشخصياتهم وتتبع خطاهم، إلا أنه في مقابل هذا المجد ترى الانحطاط في أدنى صوره، فأجل هناك من المحامين من لم يكتفي فقط بتشويه سمعة هذه المهنة المحترمة وتلطيخها بالتراب الموحل، بل إنه سعى وما يزال إلى تشويه اسم مهنته قبل اسمه.

فهناك من المحامين من يستمر بالكذب ويتمرغ فيه حتى يغدو من المستحيل الخروج من تلك الهوة، إنه يلوم القضاء ويلوم النيابة ويلوم قسم التبليغات ويلوم دوائر التنفيذ ويلوم الموظفين، ولكنه قطعا لا يلوم نفسه، على الرغم من أن الحقيقة تصرخ بجلاء أن المقصر الوحيد هنا هو المحامي، ولكن هل سيعترف المحامي بذلك؟، قطعا لا، سيستمر بالدوران حول النقطة ذاتها، يخبرك أن اليوم حدث كذا والبارحة كذا وغاد سيفعل كذا، وهو جالس في مكتبه أو في سيارته ينتقل من مكان لآخر دون أن يعرف حتى اسم من هذا الذي يكلمك، فهو بكل ثقة لم يفعل شيئا مما قاله، ولم ينفذ حرفا مما وعدك به، ولن يكون تلك الوعود الزاهية قريبة التحقيق على أرض الواقع يوما.

يمكنني أن اقول بثقة أنني أفخر بالتفافي بردائي الأسود، ولكن عندما يستقر بصري على تلك الشخصيات التي تسيء وتلقي بتلك العباءة أسفل الأقادم دائسة عليها يعود إلى ذهني سؤال مهم، فهل هذه هي الصورة التي بات المحامي يتمثل فيها للمجتمع ولنفسه، هل باتت تلك هي الهيئة الشائعة التي لا يمكن للمحامي إلا أن يتوج ذاته بها، أن يكذب على موكله وعلى زميله دون حرج أو خجل، بل وأن يتفوه بتلك التبريرات والكذبات باستمرار مقتنعا بها!.


ليس هجاءً ولا لوما بل ناقوس خطر لا بد أن يدق، هناك العديد من أولئك الذين يسيؤون إلى مهنة حملت دولا على مدار سنوات، ودائرة الشكوى في نقابة المحامين غاصة بالأدلة على أولئك المنتهكين، فأين الحل؟. 

الخميس، 9 نوفمبر 2017

انه فخ

قد تكون الكلمات قاسية
ولكنها تصيب قلب الحقيقة

فعندما تكبر ستصارع من تكره
وترافق من تمقت
وتبحث عما لا يمكن أن تجده

ستجد نفسك غريق دوامة لا نهاية لها
بآمال محطمة
وأحلام مستباحة
ورفقة مزرية

لا تكبر
ابق صغيرا
فالحق يقال

إنه سيد الفخاخ

المال ومن بعده العدم


لعل الكثير من الأسباب تودي في نهاية المطاف إلى تقويض دعائم العديد من العلاقات، أكانت شخصية أم رسمية، ولكن صاحب المرتبة الأولى بامتياز دون منازع هو المال.

عشق المال هو حقيقة لا راد لها, ولا إمكانية للتفكير حتى في اثبات عكسها, فحتى من يكره المال ويترفع عنه لا يكاد يطيق فراقه، ومن يحاول أن يلعب دور المتنزه عن دناءة الدنيا، فلا ريب أنه يلقي بروحه إلى الحضيض.

ليست مشكلتي هي المال, فأنا كما غيري أعشق رنين معادنه وحفيف أوراقه، ولكن ما أقوله لنفسي مقتنعة به كشروق الشمس وغروبها أن لتلك العملات المعدنية والورقية سحرا لا يضاهى عندما يأتي ميعاد تحطيم العلاقات.

فإن أردت أن تقيس مدى قوة علاقتك مع شخص ما أيا كان مسماه, أدخل المال في المنتصف, وأنا أضمن لك أن تلك العلاقة ستتبخر كأنها لم تكن يوما.

أما إن أردت أن تعرف مدى التزام أحدهم بكلمته ومواعيده فاحشر المال في تلك العلاقة، وأنا أؤكد لك أنك ستصطدم عندما تكتشف أنه لا يمد بصلة لكلمة التزام.

وفي النهاية إن كنت ترغب بتحطيم علاقتك مع شخص لا تطيقه، فإليك الوصفة السحرية.

المال ثم المال ثم المال