الاثنين، 19 مارس 2018

موسيقاها وروحها.... والحياة

إن الطريقة الوحيدة التي يمكن لها بواسطتها أن تبقي أعصابها فوق حافة الانهيار, محافظة على النفس القليل الذي يمكن لها أن توصله إليها هو بتشغيل تلك الفوضى والضجة. 
لا أحد أتى على ذكر الرقص, فمهما كانت تلك الحركات تتمتع بقدرة عفوية على تحريك الروح من جذورها إلا أنها لا تضاهي تلك الأنغام الشاذة 
البعض يصفها بالفوضى, بالضجة, بالازعاج, بالكلام الفارغ, بالموسيقى القذرة, أو أحيانا السخيفة 
لا يهم فعلا ما نوع الأوصاف التي يمكن أن تلصق بتلك النغمات التي تشكل حبل نجاتها الوحيد من قعر الجحيم, فهي السلم الأوحد الذي تمكن لليوم من إمساكها بإحكام. ليس لأنه مجدول بشعيرات قوية دقيقة, بل إن نغماتها أكثر وهنا من بيت عنكبوت عفا عليه الزمن.
القضية تتجاوز ذلك, بالنسبة لها على الأقل 
أن تشعر بأنك حيٌ تتنشق, ليس فقط ذلك الهواء الفاسد الذي ملأ أرجاء رام الله بتفاصيلها ومبانيها الدقيقة, مبانيها القبيحة, عماراتها المرتفعة, سياراتها المزعجة
كلا
إنها لا تبحث عن ذلك الهواء المتعفن الذي ترك هو نفسه ذاته وهج إلى منطقة أخرى لا يعلمها مخلوق ولا يدرك كنها إنسي 
إنها تبحث عن ذلك الهواء الروحي
تلك النفحات الحلوة العذبة التي تتسرب جلدها إلى روحها مباشرة, هنالك حيث تستقر حياتها
يمكن القول أنه يستقر قلبها
يستقر عقلها
يستقر كيانها 
أجل, فتلك المنطقة الصغيرة بحاجة لأن تعيش, لأن تتنفس, لأن تأكل 
ومنذ طفولتها شكلت تلك الأغاني المتفجرة وقود تلك الروح 
أجل, كلمات متمردة, كلمات تدعو إلى الثورة أحيانا, إلى الكراهية أحيانا أخرى
أغانٍ تدعو إلى الهجران, أغانٍ تدعو إلى القتال 
حتى ان هنالك تلك الأغاني التي تتغزل بالحرب 
لم يكن ذلك مهما لها, المهم أن تطلق لأذنيها لذة تذوق تلك النغمات 
هل هي عاشقة للموسيقى؟, قطعا لا 
هي لا تحب الأغاني ولا الموسيقى لأنها ذات أذن موسيقية أو حس موسيقي كما يصف الموسيقيين والعاملين في هذا المجال أنفسهم, فعلى العكس إنها لا تزال حتى اليوم تخطئ في تكرار السلم الموسيقي 
وبعد ثمان وعشرين سنة على هذه الأرض ما تزال كل يوم تحاول أن تقول أنها تريد تعلم العزف على آلة ما, وهو حلم تعرف جيدا أنها لن تحوله واقعا على الأرض, 
لماذا؟
لأنها كسولة ليس إلا 
إنها تحب الأغاني والموسيقى, ولكنها تحب تذوق واختيار ما يشدها 
أجل فأغاني القتال رائعة 
الأغاني التي تحض على العنف ممتعة 
الأغاني التي تدعو إلى الكراهية لا تضاهى 
والأغاني التي تتغزل بالذات لا يمكن مقاومتها 

أدرك أن هنالك سؤال مهم قد يدور في الأذهان, ماذا بشأن أوسع المواضيع انتشارً في عالم الغناء, العشق والغرام؟؟؟؟
إن أردت توجيه هذا السؤال إليها فستجيبني بنظرة واحدة لن يخطئ أحد في فهم مغزاها 

فلتذهب للجحيم ..... 

الأحد، 4 مارس 2018

بطوق من ياسميني

أغني عينيك
وأقطف زنبقة بيضاء
أناديك صديقي
وأهوى سيدي الرئيس إلى جواري

بذرة أم روح


عندما أعود بذاكرتي إلى الوراء مستعيدة تلك الأوقات التي بذلت فيها المستحيل لأقنع الآخرين بكتاباتي يبدو الأمر ساخرا ومحرجا جدا في نظري هذه اللحظات.
فما المنطق الذي كان يدور في عقلي دافعا إياي إلى بذل جهد فوق العادة لأجل اقناع أولئك الأشخاص الذين يطلقون على نفسهم اسم المثقفين والأدباء بما أكتبه، بل إن النقطة الأكثر سوادً في تاريخي كما يمكنني أن أطلق عليها هو جلوسي واستماعي لهم يلقون عباراتهم المشهورة، ما رأيك بالخضوع لدروس في الكتابة!
ليس الأمر أنني متعجرفة أو متغطرسة، على الرغم من أن هذه ليست صفات سيئة بنظري، ولكن جهة نظري تنعكس من أن الكتابة أو الغناء أو العزف أو الزراعة أو الطبخ هي ليست أمور تتعلمها ابتداءً، فأنا على سبيل المثال أكره الطبخ، إنني أعشق الطعام ولكني أحبه جاهزا أمامي، ولكن هل أنا مستعدة لأن أقف في المطبخ متسائلة ما هو أفضل بهار لوضعه على المقلوبة أم هل ستكون هذه الكعكة أفضل بمسحوق الكاكاو بدل البرتقال؟، قطعا لا, لشقيقي هذا هوس وعشق ولكن بالنسبة لي هو وجع في الرأس.
من هنا نعود إلى القضية الرئيسية، لا يمكن لك أن تغرس بذرة في قلب شخص لا يريدها، ولا يمكنك بالمثابرة والعمل أن تنمي بذرة في تربة جافة غير مناسبة، قبل أن تغرس بذرة على الروح أن تكون هنالك أولا.
لا يمكن لي أن أقبل بأخذ دروس في الكتابة، ليس لأني أفضل من غيري، بل لأني أثق أن الكتابة لا يمكن أن تنمو بالدروس، فهي موجودة داخلي منذ البداية، العمل والمثابرة على تنميتها هو أمر لا يختلف عليه اثنان، ولكن أن يأتي أحدهم لينشر اعلان حول دورة للكتابة الابداعية!، أليس هذا مبتذل قليلا؟.
لا أقول ذلك من فراغ، فقد حضرت إحدى تلك الدورات، ليس كمشاركة ولكن كمساعدة، حاولت يومها أن أقنع نفسي أنه سيكون أمرا ممتعا أن أراقب مجموعة من الأطفال الذين يطمحون ليكونوا كتاب في المستقبل وهم يخطون أولى خطواتهم، ولكن للأسف تلك كانت لهم نهاية طريقهم قبل أن تبدأ حتى.
فالكتابة ليست شخصا يأتي ليقول لك القصة تتكون من مكان وزمان وشخصيات وحدث رئيسي وحدث فرعي، هذا ليس تعليما إن هذا تحطيم.
الكتابة هي عشق وهوس، رغبة وحلم، أسلوب حياة.
أن تكتب معناه أن تترك نفسك تغوص في عالم مختلف تصنعه أنت لنفسك، أن تكتب معناه أن تخرج ذاتك أولا، فأنت لا تكتب لأجل الآخرين، إنك تكتب لأجل نفسك ابتداءً، وعندما وجه ذلك الطفل  في الدورة سؤاله  لي قائلا ما هو أفضل شيء لأكتبه، كانت إجابتي سهلة جدا، إنك تكتب ما تريد أن تكتب، لا داع لأن يعجب أحد بكتاباتك
 اكتب ما ترغب
اكتب ما تهوى
اكتب ما تعشق
اكتب لنفسك، لأنك تريد أن تكتب لا أن أحدا طلب منك أن تفعل
لتكون كتابتك كاملة فعليك أنت أن تعجب بكتابتك لا أن تروق للآخرين
إن انتقدك الغير فأدر ظهرك لهم وتابع طريقك الخاص
الكتابة لي هي دواء يبقيني على الطريق السوي حافظا إياي من الانحراف نحو سكة الجنون، لقد كنت أكتب سابقا لأنني أريد أن أنشر ما أكتبه، ولكن في نهاية المطاف وصلت إلى قناعة حقيقية، لا يهمني أأعجب ما كتبته الآخرين أم لا، ببساطة فليذهبوا إلى الجحيم.
فالكتابة كما الطعام والموسيقى والأزهار، ذوق ورغبة
أنا قد أحب الشوكولا ولكن غيري يفضل الفانيلا، هو يهوى الكمان وهي مغرمة بالبيانو، علاء يفضل السوسن وإيناس تميل إلى الجوري.
لا شيء محدد وواضح، لا توجد حدود مرسومة تحصرك داخل هذا الإطار وتمنعك من الخروج منه
اكتب لأنك تريد
اكتب لأنك تعشق
لا يهم ما تكتب، طالما أنك مقتنع وراضٍ
فما لم تكن تلك الروح موجودة في داخلك منذ البداية لن يمكن لأحد أن ينمي فيك شيئا غير موجودٍ في المقام الأول.