الثلاثاء، 14 نوفمبر 2017

في مهنة المحاماة


إن النظر إلى عالم المحامين عن قريب يترك العديد من الآثار والانطباعات التي لا يمكن تجاهل إحداها في مهنة ينطوي تحت لوائها العديد والعديد بشكل مستمر سنويا دون توقف، فهناك نطريات عديدة تحيط بمفهوم المحامي وعبائته السوداء داخل المجتمع الفلسطيني.

فتارة هو وظيفة تدر دخلا عظينا وتساعدة لتصبح ثريا، وتارة أخرى هو شهرة وبرستيج يظن المرء أن مناداته بأستاذ يرفعه مرحلة تلو المرحلة على سلم الشهرة والمجد، وما بين هذه وذاك اختفت تلك النظرة التي تقوم أن المحامي هو حامي العدل والمدافع عن المظلوم، إن تحدثت إلى أحدث طالب حقوق في جامعات فلسطين قاطبة فسيقول لك أن تلك كذبة قديمة عفا عليها الزمن.

أجل هناك محامون رائعون ويمثلون الكلمة بكل ما تحمله حروفها الأربعة من معانٍ، وأولئك هم الذين ما زالوا حتى اليوم يعطونني كمحامية دفعة إلى الأمام للتطلع إليهم والتمسك بقيمهم وشخصياتهم وتتبع خطاهم، إلا أنه في مقابل هذا المجد ترى الانحطاط في أدنى صوره، فأجل هناك من المحامين من لم يكتفي فقط بتشويه سمعة هذه المهنة المحترمة وتلطيخها بالتراب الموحل، بل إنه سعى وما يزال إلى تشويه اسم مهنته قبل اسمه.

فهناك من المحامين من يستمر بالكذب ويتمرغ فيه حتى يغدو من المستحيل الخروج من تلك الهوة، إنه يلوم القضاء ويلوم النيابة ويلوم قسم التبليغات ويلوم دوائر التنفيذ ويلوم الموظفين، ولكنه قطعا لا يلوم نفسه، على الرغم من أن الحقيقة تصرخ بجلاء أن المقصر الوحيد هنا هو المحامي، ولكن هل سيعترف المحامي بذلك؟، قطعا لا، سيستمر بالدوران حول النقطة ذاتها، يخبرك أن اليوم حدث كذا والبارحة كذا وغاد سيفعل كذا، وهو جالس في مكتبه أو في سيارته ينتقل من مكان لآخر دون أن يعرف حتى اسم من هذا الذي يكلمك، فهو بكل ثقة لم يفعل شيئا مما قاله، ولم ينفذ حرفا مما وعدك به، ولن يكون تلك الوعود الزاهية قريبة التحقيق على أرض الواقع يوما.

يمكنني أن اقول بثقة أنني أفخر بالتفافي بردائي الأسود، ولكن عندما يستقر بصري على تلك الشخصيات التي تسيء وتلقي بتلك العباءة أسفل الأقادم دائسة عليها يعود إلى ذهني سؤال مهم، فهل هذه هي الصورة التي بات المحامي يتمثل فيها للمجتمع ولنفسه، هل باتت تلك هي الهيئة الشائعة التي لا يمكن للمحامي إلا أن يتوج ذاته بها، أن يكذب على موكله وعلى زميله دون حرج أو خجل، بل وأن يتفوه بتلك التبريرات والكذبات باستمرار مقتنعا بها!.


ليس هجاءً ولا لوما بل ناقوس خطر لا بد أن يدق، هناك العديد من أولئك الذين يسيؤون إلى مهنة حملت دولا على مدار سنوات، ودائرة الشكوى في نقابة المحامين غاصة بالأدلة على أولئك المنتهكين، فأين الحل؟. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق