الأربعاء، 10 أغسطس 2016

لمن يهمه الأمر 13


لمن يهمه الأمر 

وماذا بعد؟

تغمض عينيك طلبا للنوم ولكنك تعلم جيدا أنك بتلك الإغماضة وحدها لا تحل شيئا، أنت لا تريد أن تنام بقدر ما تريد أن تهرب مما تحياه يوما بعد يوم، وتراه لحظة بعد لحظة، وتفكر به ساعة تلو ساعة

لم يكن النوم يوما درب الخلاص ولكنه غدا للتو طريقا معبدة بالورد ومفروشة بالريحان للفرار

لتفر من ماذا؟، سؤال يطرح ذاته بحضور مهيب
إنك تعرف مما أنت مدبر وهارب، وتعلم جيدا مما تهفو روحك لتلوذ منه بالفرار جريا دون أن تنظر ورائك ولا حتى بلمحة واحدة
ليست المشكلة في النوم، ها أنا أقولها مرة ثانية، فالنوم متعة ولذة وشهوة وغاية للبعض على الأقل
إلا أنه ليس طريقة للهرب
يمكنك أن تشتهي النوم وأن تحلم به وأن تهفهف روحك لملقاه ولكنك ستتوقف عند مفترق الطرق الأهم

انه ليس طريقك للهرب
ليس دربك للخلاص
ليس مسارك للجوء الى عالم وردي يمكنك أن ترى نفسك فيه ملك السماوات والأرض
فأنت في النهاية ملقى على ظهرك فوق سريرك عاجز عن التحرك حتى مرتعشا خوفا من الاستيقاظ
ورهبة من فتح عينيك
مذعورا أنك حين تفك قفل رموشك ستعود لتدرك من جديد أنك كما كنت بالأمس تماما
وأن لا شيء اختلف

النوم ليس مذنبا، أتعرف من هو المذنب؟
إنه أنت

فأنت من يستعمل حججا واهية ليهرب إلى عالم الأحلام متخاذلا عن تطبيقها على أرض الواقع
أنت من يرمي باللوم على العالم الجلف حوله مبرئا نفسه
أنت من لا يفعل شيئا عدا ندب حظه مؤنبا العالم ومقنعا عقله بأنه البريء المخذول والمظلوم المنتهك حقوقه والمبدع الذي لا يقدره أحد والناجح الذي يحاربه الجهل

ففي نهاية السبيل ترجع لتعيد الكرة من جديد

تندب حظك طوال النهار
تشكي وتحلم وتحقد وتصرخ

لكنك لا تتجاوز هذا الحد

وترجع في آخر اليوم مستلقيا على السرير ومحدقا في السقف فوقك طارحا السؤال ذاته مرة أخرى

ماذا بعد؟


يسرى حسونة
Y.A.H

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق